تحياتي لجميع العاملين في الكنيسة والسلطات الحكومية والمشاركين في هذا الافتتاح المبارك.

يسعدني حقًا أن أصل إليكم في هذه اللحظة المهمة التي تشهد افتتاح المبنى الجديد لكلية كومبوني للعلوم والتكنولوجيا.

كل هذا الإنجاز لم يكن ممكنًا لولا بصيرة دانييل كومبوني، الكاهن وأسقف أفريقيا الوسطى والمعترف منذ 2003 قديساً في قِبَل الكنيسة الكاثوليكية. لقد أحب كمبوني هذه الأرض بشكل خاص، لدرجة أنه جعلها موطنه حتى نهاية حياته؛ في الواقع، توفي في الخرطوم وعمره 50 عامًا. وصل إلى إفريقيا في عام 1857، وفي وقت مبكر من عام 1864 كان قد حدد خطة لتجديد إفريقيا، وهو مشروع يتضمن تدريب الأفارقة على تحمل مسئولية تعليم الأجيال الجديدة. في وقت من التاريخ كانت فيه العبودية لا تزال قائمة، كان دانييل كومبوني يؤمن إيمانًا راسخًا بإمكانية تجديد أفريقيا من خلال أفريقيا، ولكن للقيام بذلك، كان من الضروري تدريب الأفارقة.

ولذلك، وعلى مدى عقود، أسس الكومبونيان والراهبات مدارس ومستوصفات. وقد أثمرت الجهود السخية والمضنية التي بذلتها أجيال من المرسلين ثمارًا مرموقة، مثل ”Comboni College Khartoum“ التي تأسست عام 1929. وقد أصبحت رمزًا ومرادفًا للإعداد الأكاديمي والأخلاقي الجيد، حيث درست فيها أجيال من الشباب، وأصبح العديد منهم فيما بعد مهنيين وأبطالًا لتاريخ البلاد وتطورها.

إن افتتاح الفرع الجديد لكلية كومبوني للعلوم والتكنولوجيا في بورتسودان الذي نحتفل به اليوم هو أحدث إنجاز، وهو جوهرة التتويج في سلسلة لا تنتهي من العطاء والحب للأرض الأفريقية التي تبدأ منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

اسمحوا لي أن أتذكر عبارة قالها البابا يوحنا بولس الثاني عن دانييل كومبوني: “لقد رأى دانييل كومبوني بحق. فعمله لم يمت، بل على العكس، مثل كل الأشياء العظيمة التي ”وُلدت عند أقدام الصليب“، لا يزال حيًّا بفضل هبة الحياة التي قدمها العديد من الرجال والنساء الذين اختاروا أن يتبعوا كومبوني على درب الرسالة الشاقة والمثيرة بين الشعوب الأكثر حاجة إلى الإيمان والتضامن الإنساني” (القديس يوحنا بولس الثاني، عظة التطويب، 17 مارس 1996).

في الختام، أتمنى أن تستمر كلية كومبوني للعلوم والتكنولوجيا في رسالة مؤسسنا، لتصبح مرجعًا تنظيميًا وهيكليًا، ومكانًا للتدريب التربوي والعلائقي من أجل إعداد الشباب لمواجهة تحديات المستقبل، وقادرة على توليد مجتمع يمكن لكل فرد فيه أن يساهم بغنى مواهبه وقدراته من أجل الخير العام.

عسى أن تكون مكانًا للحرية حيث يمكن للشباب أن يتعلموا بفرح، وأن يبنوا شخصياتهم وشخصيات أصدقائهم وزملائهم، على أساس قيم غير قابلة للتفاوض. عسى أن تكون مجتمعًا قادرًا على تعزيز قصة كل إنسان ونمو كل فرد فيه، وقادرًا على الدفاع عن كرامة الإنسان في جميع مراحل حياته، بغض النظر عن ثقافة الفرد أو لغته أو دينه.

أعزائي الشباب الملتحقين بهذه الكلية، كونوا مولدين لمستقبلكم. وسيعتمد عليكم أيضًا إن كان سيكون سعيدًا وحرًّا وسالمًا كما قال لنا البابا لاون الرابع عشر منذ أيام قليلة في عيد العنصرة “سيعود السلام إذا لم نعد نتحرك كمتوحشين بل كحجاج. لا يعود كل واحد منا لنفسه بل ننسق خطواتنا مع خطوات الآخرين. لا نلتهم العالم بشراهة، بل نزرعه ونحرسه”.

شكراً لكم!

الأب / لويجي كودياني

الرئيس العام

By mudir